الوسائل الكفيلة بمحاربة الفساد في المناقصات والمزايدات - اليمن

 

الوسائل الكفيلة بمحاربة الفساد في المناقصات والمزايدات  - اليمن

 

توضيحا لما قمنا بنشره بتاريخ 26/اغسطس 2014م وتناولته بعض وسائل الاعلام بعنوان (كنوز من الأموال تعصف بها المناكفات السياسية والحزبية الباحثة عن كبش فداء (من المقاولين والمهندسين) باسم مكافحة ومحاربة الفساد...!؟) فإنه وتصحيحا للمفهوم الإستراتيجي لهذا الموضوع فقد قررنا المساعدة في التوسع لنسلط من خلاله الضوء على ابعاد وتفاصيل هذه المشكلة من منظور مهني ومسؤولية وطنية، خاصة وان مجرى هذه القضية قد تؤثر سلبا على الأداء في انجاز المشاريع واداء المهندسين والمقاولين- ان لم يتم معالجاتها من الجهات المهتمة بمحاربة الفساد في المناقصات سواء في قانون المناقصات او القوانيين والتشريعات الخاصة بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

وحتى نتفهم لما نحن بصدده.. سيتوجب علينا أخذ القضايا المرفوعة كحالة فساد في المشاريع الهندسية أمام الهيئة الوطنية كنموذج نستطيع من خلاله التعريف بين تلك الإجراءات المتبعة في القوانيين المهنية مثل الطب والهندسة وغيرها- وبين الإجراءات المتبعة في الجرائم ذات الأركان والدوافع التي تقود الى سرقة المال العام أو القتل أو التحايل أو التزوير أو غيرها من الدوافع والاسباب.

حيث وانه في مثل هذه الحالة والقائمة من حيث المبدأ على مخالفة الإجراءات في قانون المناقصات سنجد بان اصل المخالفات الذي يمكن ان يكون المهندسون المسؤولون عن المشروع قد جاءت في الأصل ناتج قصور أخرين في مراحل سابقة من أصل المراحل الثلاث المذكورة في قانون المناقصات(والموضحة ادناه)،وقد يكون سببها طرف ثالث أو رابع من غير( المهندس أو المقاول) مثل المالك أو الممول للمشروع أو غيرهم ،في حين كان على مسؤولي التنفيذ مثل (الاستشاري أو المشرف) اهمية أخذ قرارات لحظية تضمن السرعة في العمل والتقليل من مطالب المقاول بتعويضات التوقف- او تساهم في تسريع إفتتاح المشروع لتقليل الانحراف السلبي في الجدوى الإقتصادية أو غيرها من المسببات الإستخدامية له.

وهنا دعونا كمتعاملين في قانون المناقصات لأكثر من خمس سنوات بأن نبدأ بسرد المراحل التي يتوجب ان تمر بها أي مناقصة حتى نوضح الخصوصية التي يتوجب على القضاة التعامل معها في مثل هذه الحالات إذا ارادوا الوصول إلى حكم منصف ونزيه وعادل وشفاف ومن ثم المقارنة وكيف يتم الامر حاليا مع عدد من الجهات الحكومية المختصة قبل ان يصبح الامر في يد المهندسين أو المقاولين...وهنا سنضمن عدم وجود (كبش فدا) والاهم اننا سوف نساهم في اصلاح خلل داعم في العملية التنفيذية للمراحل المختلفة المرتبطة باي مناقصة سواء كانت في(مشاريع او توريدات او خدمات) والذي عادة ما تعتمد اجراءاتها على مثال تنفيذ مشروع هندسي تنطلق مراحلة وفق الاتي :

المرحلة الأولى : وتبدا هذه المرحلة مبكرة وعندما تظهر الحاجه للمشروع أمام المحافظ او الوزير او الرجل الأول في المجلس المحلي وحتى في أي  مؤسسة ذات طابع إستثماري، ولكونها المحطة الأكثر اهمية لمحاصرة أي فساد ومن منبعه الأساسي سيتوجب على الجميع الإصرار على تصحيح المسار من خلال اتباع الخطوات التالية:   

  1. عندما يؤكد المستفيدون حاجتهم للمشروع (ومهما كان نوعه) فإن اقرار ذلك يأتي من خلال موافقة الجهة في المركز أو المحافظة أو المديرية (المالك) ويفترض هنا أن يكون لدى هذه الجهة الموازنة اللازمة من مصادرها او(وزارة المالية) بحيث يتمكنوا من تكليف فريق متعدد التخصصات لتأكيد نوع الحاجة وحجمها وصولا الى تحديد عدد المستفيدين (بعد التأكد من عدم وجود مشروع قريب يمكن له التغطية) وهنا سنكون قد بدانا خطوة أساسية محدده في قانون المناقصات لمنع حصول أي....مستقبلي قد يؤدي للفساد.
  2. يواصل المالك دراسته بعد ذلك لتحديد المكان وشراءه للأرض (وزارة المالية) + احتمال وزارة أخرى + مجالس محلية)بحيث يكون هذا الموقع يتناسب كمكان ومساحة وطبوغرافية المشروع وعند هذه المرحلة يمكن التعرف على التكلفة التقديرية المتوقعة كمعالم أولية تمكن المالك من الاستمرار في الدراسات من عدمه بناء على تصميم أولى تضم الى وثائق التنافس على التصميم الفعلي للمشروع.
  3. يأتي بعد ذلك وحال الاقرار الداخلي للمشروع مسألة التأكيد من أرض وتربة الموقع المقترح ويتم الرفع المساحي له (سواء مبنى او مسار طريق او غيره) وحينها سيتضح بانه كان هناك أي ملاك او ربما تغيير أثناء مباشرة التنفيذ للمشروع حيث من المفترض أن يصل صاحب المشروع الى عمل وثيقه تنتهي بإقامة سور في حالة المبنى – أو مرور آليات تحديد للمسار في حال كونها طريق.
  4. ثم يأتي وأخيراً تكاليف من يقوم بدراسة جدوى مالية للمشروع بعد أن تكون الدراسات للجدوى الاستخدامية وفي المراحل السابقة قد اكدت الايجابية.
  5. وأخيرا... يتم إدراج هذا المشروع ضمن خطة المالك (محافظة ,وزارة , وغيره) حتى يتم رفعه ضمن المشاريع المطلوب لها مخصصات للدراسات وتجهيز الوثائق في سننها التالية إلى وزارة التخطيط أو  وزارة المالية ... ثم يكتمل أمر هذه المرحلة بظهور ذلك بالموازنة العامة للدولة في السنة التالية شاملة أسعار التسوير والإختبارات للتربة لمعرفة ما تحت أرض المبني او الطريق.

ثانياً: في المرحلة الثانية سيصبح دور القائم على وزارة التخطيط في حال انه (التمويل خارجي) أو المالية في حال كونه( تمويل داخلي) أو الجهة المحلية او الخاصة الملتزمة بالتمويل...وهنا ستظهر الأدوار لجهات إقرار المناقصة ورقابتها وحسب الاتي:

  1. حتى نضمن مشروع اقل فسادا سيتوجب على وزارة المالية أو التخطيط توفير التمويل للدراسات الهندسية النهائية مع وثائق المناقصة وربما توفير مخصص للإشراف على المشروع حتى لا يضطر المالك إلى الاجتزاء من موازنة التنفيذ لا حقاً بطريقة مخالفة للقانون او الاعتماد على كادره الفني الداخلي وعلى حساب المقاول كما يحصل حاليا(رغم كون ذلك فسادا واضحا).
  2. سيتم إنزال مناقصة التصميم وتجهيز وثائق المناقصة بين المتنافسين(وبإشراف الجهاز الفني للمالك- والإستشاري) المكلف بالإشراف إن كان قد تم تحديده ومن هذه العملية سيتم التعرف على التكلفة التقديرية المتوقعة للمشروع والزمن المتوقع للتنفيذ حتى يتم رفعها لجهة التمويل ليتم رصدها كاملة في الموازنة الإستثمارية للعام التالي بعد أن يتأكد المالك من رصد موازنة مشروعة في موازنة العام القادم...يتم الإعلان عن المشروع وبكل وثائقه بعد إقرار لجنة المناقصات المختصة وحسب السقف المالي للمشروع وبعد تحديد نوع المناقصة كمناقصة عامة أو محدودة سوى في مرحلة او مرحلتين.
  3. تقوم الهيئة المختصة بالرقابة الداخلية والخارجية من قيام جهة البيع للوثائق من منحها الحق للإطلاع والتسلم لكل المتنافسين المؤهلين سابقا أو من سبق تأهيلهم.
  4. يتبع بعد ذلك الخطوات المحددة في القانون من حيث احتمال تمديد المناقصة من عدمه- وصولا إلى فتح المظاريف والتحليل للأسعار(يفضل وجود استشاري محايد) وصولا الى مرحلة الاقرار الداخلي على اقل الاسعار المقيمة والمهم ان يكون ذلك خلال الزمن المحدد قانونا بحيث لا يطلب إعادة التجديد للضمانات.
  5. أخيرا.. ترفع النتائج للجنة المناقصات المختصة للإقرار النهائي ويتم حينها الإعلان عن اسم من تم الإرساء علية توجيه رسائل لبقية المتنافسين بذلك للإعتراض خلال الزمن المحدد قانونا...قبل توقيع العقد مع المرشح للمشروع.

ثالثاً: المرحلة الثالثة (وان سبقها انجاز المرحلتين السابقتين بشكل كامل) ستصبح اكثر ضماناً للإنجاز بأقل انحرافات في الاجراءات والمخرجات عند مرحلة التنفيذ للمشروع (ولأن هذه المرحلة قد ركزت عليها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) في مشروع الطريق الدائري الرابع – تعز سيتوجب علينا التعمق في النظر إلى خطوات هذه المرحلة ولذات المشروع مقارنة بما اضطر له الاستشاري، حتى نتمكن من تصنيف ذلك كفساد ادى الى نهب الخزينة العامة- او مجرد الإخلال بالإجراءات تحتمل النتائج السلبية أو الإيجابية، خاصة وانه وفي أي مشروع لا بد من الفصل بين مهام ومسؤوليات المالك والمصمم والإستشاري والمقاول.

  1. من المفروض وعند أي مشروع ان يكون مالكه معرفا اسما وصفة ثم المصمم للمشروع وايضا الاستشاري واخيرا المقاول فهل كل ذلك كان محددا وواضحا عند توقيع العقد.
  2. كما أنه من المفروض أن يكون الاستشاري قد استلم موقع المشروع من المالك خالي من أي مشاكل ومعوقات تمنع المقاول  من استلام الموقع والمباشرة بعمله ضمن برامج مسلمة له من الاستشاري متمثلة بـ (برنامج للتجهيزات الموقعية بعددها وعدتها ومواصفاتها الموضحة في وثائق المناقصة / برنامج تجهيز المواد محدد زمن وصولها حسب اعتمادها المسبق أو حسب وثائق للمناقصة برنامج للعمالة وتجهيزاتها المختلفة بما في ذلك بوليصات التأمين الموضحة في القانون والوثائق المكملة وأخيراً البرنامج الزمني لتنفيذ المشروع حسب الزمن المتنافس عليه في أصل المناقصة) والسؤال هل كل ما ذكر هنا كان فعلاً قائما بشكله الفني والعملي ومؤكد علية في دفتر الموقع نوعا وزمنا ومراسلات؟؟؟
  3. وعندما يكون ما سبق قد جاء متسلسلاً من الإستشاري والمقاول وتحت رقابة الجهاز الفني للمالك حينها سيكون على الاستشاري ترتيب جداوله التنظيمية لإدارة تنفيذ المشروع حسب الاجراءات المحددة في قانون المناقصات وما يتبعه مثل (بدء تكليف المقاول لعمل الرسومات التنفيذية لمقارنتها بما يتم عمله على الطبيعة – ثم تجهيز جداول الحصر للمواد المنجزة موقعياً وايضاً الدفتر الموقع المدون فيه تاريخ حياة التنفيذ مع الصور الداعمة – وايضاً نظام لتوجيه الرسائل بينة وبين المالك والمقاول وصولاً إلى جداول المستخلصات ووصولا الى تحديد أي أعمال اضافيه او تعديلية يمكن ان تكون قد أظهرت الرسومات التنفيذية، حينها سيصبح امر تحميل المسؤولية الإجرائية أكثر وضوحا...وهذا سيسهل على أي جهة رقابية القيام بتتبع سير المشروع واكتشاف أي منفذ فساد فيه.
  4. ثم انه ومن المفترض ان يكون هناك مخصصات مالية متاحة تمنع تأخير العمل والاضرار بالمقاول بما في ذلك المخصص المقر في القانون للإضافات المحتملة(20%) وحسب شروطه القانونية فغنه سيوضح أي فوارق محتملة بالإضافة لكون سيساعد في إنجاز الرسومات التنفيذية النهائية بعد انجاز المشروع (as bwld dr) لدعم برامج الصيانة للمشروع اثناء فترة الصيانة للمقاول وكذلك اثناء الصيانة التشغيلية للمشروع وبما يساهم في اطالة عمر المبنى  ورفع الجدوى الاستخدامية له ومحاصرة كل منافذ الفساد فيه.

إننا ككيانات هندسية (مهندسون ومقاولون) ومن خلال هذا المشروع ومشكلته التي قربتنا أكثر من الزملاء في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد... ندعو هؤلاء ومعهم الزملاء في الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات- بالإضافة الى الأخوة في اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات(كونهم المسؤولين عن تدريب كل المتعاملين في تنفيذ المشاريع الهندسية) ندعوهم جميعا للإستفادة من هذه المشكلة(كما تستفيد كل الشعوب من تجاربها) حتى نساهم معا وخلال بقية هذا العام من القيام بما من شأنه عدم تكرار مثل هذه المشكلة المهنية والإجرائية، انطلاقا من تحديد وسائل علمية تضمن عدم الانتقال بأي مشروع أو توريد او خدمة الى أي مرحلة من المراحل الثلاث المذكورة سابقا إلا بعد التأكد من عبورها المرحلة السابقة وبشكل مؤكد وموثق في قاعدة بيانات يتم ترحيلها الى الهيئة العليا للرقابة على المناقصات...وادعوا الجميع الى مساعدتنا في العمل على إنجاز التوصيات التالية :

أولاً : عودة وزارة التخطيط إلى نظامها السابق والذي كان يقوم على إقرار موازنة إستثمارية لمشاريع مكتملة التمويل قبل زمنها في الموازنة العامة لوزارة المالية.

ثانياً :  الترتيب لإقامة مجموعة من الدورات التدريبية للعاملين في مجال المناقصات بما فيهم المهندسين والمقاولين- وعلى أن يبدأ ذلك بإقامة ورشة عمل تعرف الفساد في هذا المجال المهني وبعد تأكيد هيئة الرقابة المختصة بذلك.

ثالثاً : العمل على منع التصميم والإشراف من صاحب المشروع(المالك) والإكتفاء بالمكاتب الفنية التابعة للوزارات القيام بدور الرقابة الفنية قبل رفع معلوماتهم الشهرية أو الدورية للهيئة العليا للرقابة على المناقصات.

رابعاً :  العمل على تخفيف الضرر على الشريك الثاني في التنفيذ أو التوريد من خلال تحديد أي إضافات أو تغيير مثل المباشرة بالمشروع من خلال المقارنة بين وثائق المناقصة والرسومات التنفيذية الواجب إقرارها من الإستشاري وتعميدها من المالك.

خامساً : المساهمة في سد منافذ فساد هي الأكثر أهمية في المناقصات والناتجة عن أساليب رفع المستخلصات وقيمة الأعمال- مستفيدين من ذلك مما يتم في مكاتب المشاريع الدولية العاملة في اليمن.

سادساً : العمل على إقلاق الفاسدين من خلال برامج عمل مشتركة للإنذار المبكر عن الفساد في المناقصات...حيث يمكن أن يبدأ ذلك من ترجمة واقعية للجان المناقصات وأصحاب المشاريع بمبدأ الشفافية وحق الحصول على المعلومات- بالإضافة الى الدعم والرعاية لأي برامج من الكيانات الهندسية لإشهار هذه المبادئ، وصولا الى تحقيق النزاهة والعدالة وبالأسلوب المهني المتعارف علية بحيث لا تطلق كلمة الفساد(ولو مجرد اتهام على أي مهني) إلا بعد أن يتم التأكد بأن الأمر قد خرج من مبدأ المخالفة الإجرائية وتحول الى سرقة المال العام.

ونحن كممثلين للكيانات الهندسية...وايضا في منتدى البناء والتشييد على استعداد كامل للوصول الى توقيع بروتوكولات تعاون معكم... ومع كل العاملين في مناقصات الدولة وبما يمكننا ومن الان إظهار المشاريع الإستثمارية العام القادم 2015م اقل فسادا والأكثر رقابة بل والأكثر جدوى لخزينة الدولة، رغم ظواهر الصرف للعمل بكل المراحل الثلاث المحددة في هذه الدراسة... وإن نبدأ بعمل تجربة أولية على أي مشروع وتطبيق ذلك لنصل الى حقيقة الأمر بواقعية ووضوح.

والله الموفق,,,

  

رئيس المجلس الأعلى لمنتدى البناء والتشييد

                                                                                        م/ محمد قاسم العريقي

.