سقطرى... عشق لا ينتهي
بقلم المهندس/ محمد قاسم العريقي
شاء لي القدر بالسفر إلى جزيرة سقطرى جواً ، ورغم سفري إلى كثير من بلدان العالم إلا أنني اعترف اليوم كمطور يمني أنني كنت أسافر في الإتجاه الخطأ،وكان بصحبتي ورفيقي في السفر الإنسان الرائع والعزيز الأخ أمين درهم،وهو غني عن التعريف بحبة وعشقه لجزيرة سقطرى،وعندما حلقت بنا الطائرة في سماء جزيرة سقطرى لم أتمالك نفسي حينها لروعة المكان وجمال المنظر الذي لا يوصف... يغمرني الشوق لتقبيل المكان لما له من روعة وإبداع إلهي.
ترجلت الطائرة لأحط خطاي لأول مرة،وأنا في سباق مع الوقت والزمن في لحظة تأريخية بالنسبة لي كي أتملى بعيني سحر الطبيعة وسوسنها وهي اللحظة التي توقفت عندها الكلمات لأستعيد ذاكرتي للوراء لأجد نفسي كابن مهنة ومعي الكثيرين من أبناء الوطن محاسبون عما أضعناه وما لم نقم به من دور وواجب في حق هذه الجزيرة الساحرة والثروة الوطنية والقومية التي تتربع بتأريخها ومقوماتها على عرش حضارات وكنوز العالم.
وليست وحدها الطبيعة التي تأخذك إلى الدهشة والإعجاب بل هناك ما هو أكثر من ذلك بما تلمسه من أبناء سقطرى من ترحيب وكرم الضيافة ونبل وأخلاق وشهامة عربية أصيلة تجعلك أكثر فخرا وإعتزازا بأنك تنتمي إلى اليمن السعيد.
محطة أخرى استوقفتني فجأة لتنقلني إلى حكاية أخرى ومساراً آخر أكثر أهمية وواقعية بل ومسؤولية وطنية من أول لقاء جمعني مع مجموعة من شباب سقطرى وما يحملونه من طموحات وأمال وحب وعشق لبلدتهم،يتطلعون إلى من يأخذ بأيديهم وبهمتهم العالية وعزمهم الكبير وإرادتهم الصلبة ليتمكنوا من تقديم ما يمكنهم تقديمه لهذه الجزيرة التي يعتزون بالإنتماء إليها،من خلال العديد من الأفكار والمشاريع الطموحة التي لا تشكل في مجملها عبئاً على الدولة والجهات المسوؤلة،إذا ما أخذت ذلك بعين الإعتبار والمنطق والصواب.
حينها كنت على موعد آخر يجمعني بأؤلئك الشباب وكلهم أمل في تقديم واجبهم والحفاظ على جزيرتهم التي باتت اليوم في مرمى العابثين والفاسدين وحكراً على من لهم باع طويل بممراتها وخارطتها الجغرافية بحراً وجواً وفي وضح النهار،وبسببهم غابت سقطرى كثيراً عن أجندة الجهات المعنية رغم أن جزيرة سقطرى وبكل أسف شديد التي تعاني من النسيان واللامبالاة من قبل مسئوليها الذين لم تحركهم إهتمامات الإعلام المحلة والدولي والغربي ونداءات وتوصيات الزائرين إليها من أجانب وباحثين وغيرهم،رغم تحذيراتهم بالقول... بأشجارها النادرة وطبيعتها الساحرة وسلاحفها الخضراء الزائرة وتأريخها العريق الذي قل ما يوجد في العالم فإن لكم فيها ما سألتم من الخير والثروة التي لا تنضب،فإنها بسحرها وجمالها لا تزال تبحث عن من يعشقها ويمنحها حبه لتبادله الوفاء وتترجم معه رسالتها بكل لغات الكون.
وهو الأمر الذي دفعني إلى إعادة التفكير بمهنية ومسؤولية ومن باب الواجب الوطني تجاه هذه الجزيرة ومعي مجموعة من أبنائها الشباب لنكون تحت ظلة تجمعنا وهي (محبي سقطرى) إلى تبني العديد من الأفكار والرؤى بل والخطوات العملية التي نأمل في تحقيقها وبجهود ذاتية تقوم على العمل الجماعي والبعد الإستراتيجي من خلال العديد من البرامج التطويرية حتى العام 2015م،والتي ستتبلور في الإهتمامات البيئية والطاقة المتجددة والمشاريع المدنية المختلفة من خلال منظمة محبي سقطرى التي أنشأت لهذا الهدف وبالتنسيق والتعاون مع شباب الجزيرة ومعهم الأعيان والقيادات الحكومية وحتى أؤلئك الذين باشروا بترجمة شعارهم بعد مرحلة التغيير في إتجاه الجيش والأمن والبناء والإعمار.
لعل ما تحتاجه الجزيرة أكثر مما هو قائم اليوم،فهي بحاجة إلى تطوير البنية التحتية بالإضافة إلى الخدمات الضرورية،ولكن على أسس بيئية تضمن المحافظة على كنوزها وتمنع الإستثمار العبثي سواء المتاجرة بالأراضي أو الإستغلال لكنوز الشعب المرجانية والأصداف البحرية من خلال طرق الجرف العشوائية والتصدير الجائر، كما إن ما نحن بصدده اليوم كخطوة أولى كمنظمة محبي سقطرى يتمثل في تدشين أول برامجنا الشبابية لتنفيذ الحملة التوعويه للمشاركة في حملة النظافة في 16/1/2013م إبتداء من صالة المطار والمنطقة المجاورة لحرم المطار،والذي عبث بها القات رغم منعه قانونيا وعرفيا وتسبب في إنتشار ظاهرة السرقة في الجزيرة وكان للفساد مرتعه فيها،لهذا كان لابد لنا التنسيق والتعاون مع منظمة همة شباب،كما سيتزامن في نفس الموعد تدشين أول حملة نوعية تحت شعار (أغرس شجرة وكن محباً لسقطرى) وفيها سيتم غرس ألف شجرة من الأشجار النادرة لاسيما التي أوشكت على الإنقراض كمرحلة أولى،وما نسعى لتحقيقه من خلال وزارة الزراعة هو إستكمال إنشاء حديقة نباتية في الجزيرة بإعتباره من أهم المشاريع الحيوية،إضافة إلى حرصنا على أن تكون جزيرة سقطرى جزيرة نظيفة وخالية من السلاح والقات والفوضى والفساد عبر برامج التوعية الشبابية والمجتمعية في الجزيرة،والشكر موصول هنا إلى معالي وزير الزراعة ودعوته للوزراء لإعطاء الجزيرة ما يتوجب على الجميع من الإهتمام والرعاية والدعم.
وهي دعوة أوجهها إلى كافة الجهات المختصة ورجال المال والأعمال للتفاعل والتعاون مع مثل هذه البرامج الهامة، منها مكافحة تعاطي القات في الجزيرة مع أن القات لم يكن يصل إلى الجزيرة ولم يكن يجد رواجاً بين السكان وهذه الآفة باتت تشكل ضرراً بالغاً على الشباب.
وإن كانت تلك هي خطوتنا الأولى (كمحبي سقطرى) بالتعاون مع من مؤسسة همة شباب والتي يقودها من أذهل الجميع بما أنجزه في زمن قصير الشاب محمد مراد مطهر إلا إن هذا لن يكفي حتى نعوض محبوبتنا سقطرى بما تستحقه من الحب والمسؤولية الوطنية مننا جميعاً.
ومن خلال هذا المنير الإعلامي الوطني دعوني أوجه مجموعة من الدعوات المفتوحة إلى كل من يرغب المشاركة والحضور معنا في يوم البيئة الوطني يوم 20/2/2013م وليعلن كل منا ما يزيل عنه تأنيب الضمير لنسيانه هذه الجزيرة. كما هو دور المحبين من وزراء الحكومة ورؤساء وحدات المشاريع المحلية والدولية في تبني مخصص بسيط إلى صندوق مؤقت لعام 2013م حتى يتم من خلاله تغيير ما علق في الجزيرة من مساوئ تخطيطية وغيرها،وكذلك المحبين لسقطرى من أصحاب الشركات الصناعية والتجارية والسياحية والبنوك في تخصيص جزء من المخصصات الخيرية أو الإعلانية من العام الحالي في هذا الصندوق،وأيضاً الزملاء المحبين لسقطرى من العمارين اليمنيين في تجمعات المهن المختلفة وكذلك أصحاب البرامج التنموية من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وأن تتشكل الرؤى الإستثمارية في الجزيرة وإيجاد الحلول والبدائل الممكنة في المحافظة على البيئة من التلوث من خلال الطاقة المتجددة وكل ما يمكنه دعم البرامج السياحية ضمن مارثون رياضي سنوي يمثل مهرجان شبابي وحدث رياضي نوعي على المستوى الوطني والدولي والعالمي..
ولكوننا نحضر للنزول يوم الأربعاء الموافق 916/1/2013م،فإننا على يقين بأن نحظى بالدعم المعنوي من قبل محافظ محافظة حضرموت ومباركته لهذه الخطوة التي لن تتوقف برامجها وأنشطتها في إتجاه عملية البناء والتنمية وتحقيق أهداف وحلم كل محبي سقطرة حتى العام 2015م،والذي لن يكتمل هذا الحلم إلا بتضافر جهود الجميع من اجل الحفاظ على جزيرة سقطرى بيئيا وسياحيا وإجتماعيا من منطلق الواجب والمسؤولية الوطنية.
.