صنعــاء ...حب وعشق لا ينتهي
صنعــاء ...حب وعشق لا ينتهي
منذ إقرار الجهة الألمانية المنظمة لمقترح المشاركة في معرض أكسبو 2000 – هنوفر – المانيا والذي اشتركت فيه لجنة وطنية منذ عام 1999م – فقد كان لي شرف المشاركة، ووجدت نفسي منهمكا مع أعضاء مكتبي في ذلك الوقت (المكلف بإدارة التنفيذ وأيضا الفعاليات) في الزيارات المتكررة لمدينة صنعاء القديمة، باحثين عن التفاصيل المعمارية وأنواع المواد، بالإضافة إلى فريق العمل من الفنيين الذي لا زالت العمارة اليمنية جزءا من حياتهم وهواياتهم، وتحظى بشغف وحب كبير، وحينها كانت بمثابة فرصة لي لأتعلم منهم الكثير والكثير:
- كيف أحب العمارة اليمنية شكلا ومضمونا وهوية وتأريخا وحضارة، وكذلك الإطلاع بعمق على أسرار مواد البناء التقليدية وطبيعة استخداماتها وكيف لها ان تعبر عن موروث الحقب الاجتماعية على مدى ألاف القرون، إلى جانب مكونات وعناصر تلك المواد المرتبطة بكل فراغ من فراغات المنازل، بل ومدعومة بكل ما يتطلبه سكانها من مواد ومقومات الحياة من الإعاشة والمياه والمخازن والجماليات والتحف وغيرها، ناهيك عن نظامها المستدام في استخدام المياه وقنوات تصريفها بدقة هندسية عالية، تلك التفاصيل الهندسية والمعمارية المدهشة ، كان لها وقعا كبيرا في تغيير حياتي منذو ذلك الحين، لأكون واحدا من زوار صنعاء القديمة بل من عشاقها، وظل ذلك التكوين المعماري يتربع على اعمالي ويلازم مخططاتي وتصاميمي الهندسية ، وهذا ما دفعني للخوض في محاولة تقليد هذا النمط في التصميمات الخاصة بجناح اليمن في معرض اكسبو 2000 هنوفر بألمانيا ، والذي كان واحدا من أفضل المشاركات وحاز على الترتيب الثاني من بين الدول المشاركة.
- وفي الحقيقة لم أتفاجأ كمعماري انا وغيري عندما بدأ ظهور تلك الانمطة المعمارية والمسمى ( البوليغارد) خاصة وان الناس أحبو هذا النمط الجامع بين الأسواق والمطاعم، وأيضا الفنادق والمكاتب وبات يتجسد ضمن المشاريع الاستثمارية في معظم الدول العربية والأجنبية، لهذا فإنني تعرفت على هذا النمط المعماري في صنعاء القديمة في تلك المباني التجارية الذي استخدمها وأبتكرها أجدادنا الأوائل وكانوا يطلقون عليها (السمسرة) خاصة وقد جسدنا كلجنة وطنية في ( اكسبو2000 – هنوفر المانيا) المبنى الخاص بجناح اليمن في المعرض من هذه السمسرات كمواد واستخدام وأيضا حركة وتفاصيل فنية وهندسية ومعمارية غاية في الدقة والإبداع وهذا ما تميزت به مشاركتنا في المعرض.
وبناء على ذلك الارتباط المهني والثقافي (الهندسي والمعماري) وما شكله ذلك النمط المعماري من هاجس وعشق ظل محفوظا في ذاكرتي منذو زيارتي لمدينة صنعاء القديمة في العام 1999م وحتى اليوم، هو ما جعلني أن تكون أخر أعمالي الهندسية قائمة على تجسيد عناصر هذا الفن المعماري الأصيل في هذا المبنى (مبنى جناح اليمن في معرض اكسبو 2000) والذي أخذ طابع المعاصرة في استخداماته ومواده وتفاصيله الهندسية.
ولعل الهدف من ذلك يتمثل في استكمال (الحلم) الذي تكون خلال إدارتي التشغيلية للمعرض حينها، وهذا الحلم كان يقوم على محاولة تصدير الروح العام لهذه العمارة المميزة والذي وثقت ونقلت تأريخ وحضارة اليمن الكبير، والذي لا تزال مثل الكتاب القابل للقراءة والاستخدام خارج اليمن، بل بمثابة السفير الدائم، وإحدى عناصر الجذب السياحي لهوية وثقافة يمننا الحبيب.
صنعاء – 22/7/2022م
.